الموقع الرسمي للأستاذ الدكتور سليمان بن ضيف الله اليوسف

نظرات حول منع المناقش من الاستشهاد بكلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ووفق الله الجميع لكل خير

بسم الله الرحمن الرحيم
تنبيهات حيال توجيه بترك الاستشهاد بآراء العلامة الفقيه ابن عثيمين في الرسائل العلمية :
نشر مقطع من مناقشة لرسالة علمية يتضمن توجيه من المناقش للطالب بترك الاستشهاد برأي ابن عثيمين بحجة ( ده كلام .. مافيش أزهري ينقل عن الشيخ العثيمين ، الشيخ العثيمين يكفر الأزهريين ياشيخ محمد ، لا يصلح مصدر ولا مرجع علمي أبدا في رسالة علمية إلا على وجه مناقشته ….إنما ده ليس بمصدر ) ويلاحظ إقرار لجنة المناقشة للمتكلم على ما يقول .
ولنا مع كلام المناقش وقفات تدور حول كلامه ومفهوم كلامه وآثار كلامه ونسأل الله تعالى أن يرزقنا العدل والإنصاف
الوقفة الأولى : المناقش مع حفظ مقامه اخطأ في المنهج العلمي خطأ بينا واضحا فخالف المنهج العلمي لدى الناس جميعا حيث زعم أن أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ليس بمصدر ولا مرجع في الرسائل العلمية بسبب تكفيره للأزهر. فجعل الخلاف مع الأزهر مانعا من المصدرية العلمية . وهذا باطل بمقتضى إجماع العقلاء من المسلمين وغيرهم فإن المعلومة تقبل أو ترد باعتبار موافقتها للعلم والعلم واسعة أبوابه ليس محصورا في الأزهر أو غيره ، ولا يزال المسلمون ينقل بعضهم عن بعض مع اختلاف طوائفهم بل ينقلون عن اليهود والنصارى والفلاسفة ما يرونه موافقا للعلم ولم يعبهم ذلك بل كل أهل الأرض ينقلون العلوم بعضهم عن بعض ، وهؤلاء الاشاعرة ينقلون عن الزمخشري المعتزلي والجاحظ بل ينقلون عن الإمامية الرافضية ما يرون أنه لم يخالف الحق
والحق ضالة المسلم ، وكتاب ربنا نقل لنا معلومة على لسان الهدهد ، وقد أخبر اليهود المسلمين عن عذاب القبر وأقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم على وجوده ولم يرد ما عندهم من العلم بسبب أنهم يهود لكنه تأكد منه بنزول الوحي ومعلوم ما في الصحاح أن النبي صلى الله عليه وسلم اقر أبا هريرة رضي الله عنه على أخذ معلومة نافعة من الشيطان حول آية الكرسي فالشاهد أن المناقش قد جعل في العلم شرطا لم يجعله أحد من خلق الله المعتنين بالعلم شرطا وهو عدم الانتساب للأزهر من المتلقي وعدم تكفير الأزهر من المتلقى عنه فإن المناقش صرح بالأمرين جميعا أن الأزهري لا ينقل عن ابن عثيمين وصرح بالسبب كما تقدم !!
الوقفة الثانية : أن المناقش يتعين من كلامه أحد لازمين :
اللازم الاول : تضييق مجال العلم وحصره على الأزهر وهذا لا اظن أزهريا يقوله أو يلتزمه لمنافاته للشرع والعقل وعوائد الخلق جميعا كما تقدم بيانه
اللازم الثاني : حصر الحق في الأزهر فيما يتعلق بالإسلاميات والعقائد . وهذا ينافي ما عليه رؤوس الأزهر من زمان بل هم قابلون لعامة فرق المسلمين فما الذي استثنى ابن عثيمين من هذا ؟!!
فإن ادعي أن اختصاص ابن عثيمين بهذا لتكفيره الأزهريين فهي دعوى باطلة لا تعرف عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ولو سلمت صحتها( وهي ليست صحيحة عن شيخنا جزما ) فإن الكفر والتكفير لا ينفي المصدرية العلمية كما تقدم بيانه وهذا أمر مجزوم به لدى عامة العقلاء فيتبين بذلك أن ما صدر عن هذا المناقش إنما هو موقف شخصي ضد الشيخ ابن عثيمين كبره بإسناده على الأزهر فجلب على الأزهر ورطة علمية منهجية شنيعة جدا وجعل الازهر بهذا بقعة حزبية ضيقة العقل والصدر فهل يوافقه الأزاهرة على ذلك ؟ لا أظن
الوقفة الثالثة : صرح المناقش في إكمال اعتراضه على التلميذ بأن كلام ابن عثيمين لا يذكر في الرسائل إلا على وجه التفنيد والمناقشة فقط . وهذا كلام مردود عقلا وشرعا وهو كلام حزبي وليس بكلام علمي وللأسف ويلزم قائله : أن كلام ابن عثيمين وغيره لا بد أن يعرض على الأزهر فهل يقول عالم مسلم بهذا القول أو يلتزمه ؟
إنما يقبل قول ابن عثيمن وقول الأزهروقول الباحث وقول المناقش وقولي وقول كل قائل بموافقته للعلم والحجة العلمية والإسلام وسع حجج العلم فكل ما قامت به الحجة السمعية أو العقلية او الحسية فهو علم محترم صدر من أزهري أو غيره بل صدر من مسلم أو غيره فمال بال المناقش يريد أن يوجه تلميذ الأزهر ويربيه على رد قول كل مخالف للأزهر فهل الأزهر هو كتاب الله الحاكم أو هو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم القاضية أو إجماع المسلمين اللازم أو دلائله حسية قطعية ؟!!
الوقفة الرابعة : في توجيه المناقش للباحث تصريح أو التزام بأن الباحث في الأزهر لا ينظر في الكلام إلا بنظرات الأزهر في حين أن المنهج الصحيح شرعا وعقلا أن الواجب على الباحث أن يبحث عن الحق وهو العلم فينظر في دلائل العلم بالنظر العلمي المتجرد عن الهوى والحزبية بل وعن عوائد قومه وبني زمانه فيجرد النظر في الدليل على حسب ما ينتج من دلالة طبيعية غير متكلفة ولا متعسفة ولا يمنع الدليل من كامل دلالته فيحجب بعضها لأن معهده أو شيخه أو حزبه أو حكومته أو أهل بلده غير قائمين بهذه الحقيقة العلمية
والناظر في تفرق المسلمين يكاد يجزم أن التحجير على أدلة الشرع وأحكامه بإخضاعها للنظر الطائفي والحزبي منع كثيرا من العقول من الهداية وأورث المسلمين شقاقا كبيرا !!
الوقفة الخامسة: منع انتشار العلم من أهله المتحققين به جرم عظيم جدا وجناية على الإسلام وأهله ، والشيخ ابن عثيمين عامة علمه هو نشر نصوص الكتاب والسنة وشرح معانيهما والاجتهاد في ذلك والنصح للمسلمين في دولته السعودية وفي جميع بلاد المسلمين وقد استقبل الطلاب من كل بلاد المسلمين وما علمهم ولا دعاهم يوما ما وأنا عليه من الشاهدين حيث كنت من طلابه سبع سنين ما دعا أحدا إلى لزوم منهجه ولا منهج شيخه ولا ما عليه ولاة أمره بل تصريحه وتكريره على لزوم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج صحابته وشواهد ذلك كتابه في تفسير القرآن الكريم وشرحه لصحيح البخاري وشرحه لبلوغ المرام وشرحه لزاد المستقنع وغيرها كثير مما أسأل الله أن يصدق فيها قوله سبحانه ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) فأدعو المناقش إلى مراجعة كلامه وعرض منهجه العلمي على المنهج الصحيح في احترام العلم لدى عامة الخلق وأسأل الله لنا وله وللمسلمين الهداية والتوفيق
اللهم اغفر لشيخنا ابن عثيمين وتقبل سعيه واجعله في الفردوس الأعلى يارب العالمين اللهم اغفر لجميع علماء وموتى المسلمين اللهم وفق الازهر والقائمين عليه وجميع دور العلم وفقهم للعلم النافع والعمل الصالح ونشر السنة والتآلف بين المسلمين .
الأستاذ الدكتور : سليمان بن ضيف الله اليوسف
أستاذ الفقه في كلية الشريعة
الأحد ٢٨_٦_١٤٤٦